مما لا شك فيه، ان كل اب وكل ام يريدون ان يشاهدوا طفلهم الصغير وقد بدا بالحبو، المشي، وحتى الكلام في المرحلة التي تلائم جيله - ان لم يكن قبل ذلك. ومما لا شك فيه ايضا ان قمة الفخر والاعتزاز لدى الوالدين تكون حين يتحدثون امام الجميع عن طفلهم الذي بدا بالمشي، وكيف يقول "ماما" او "بابا" دون صعوبة تذكر.
ولكن الواقع لا يلائم هذه النظرية دائما، فلكل رضيع نظامه الخاص ومسار تطوره الذي ينفرد به دون غيره. احيانا يتطور الطفل بما يتلاءم والمقاييس والمواعيد المتعارف عليها، لكنه في بعض الاحيان يتاخر قليلا عما جاء في الكتاب. كل طفل من الاطفال يتطور في اوانه، وعندما يحين موعد تطوره. لا يستطيع الاهل التعجيل بعملية التطور ولا اختصار المسافات او الزمن، لكنهم يستطيعون مساعدته خلال هذه العملية. تهدف هذه المقالة لالقاء الضوء على بعض الطرق التي يستطيع الاهل من خلالها مساعدة طفلهم في مسار نموه وتطوره.
دعونا نتطرق اولا لمجال التطور الحركي: حتى جيل السنة، يتعلم الرضيع الحبو، الجلوس، الوقوف، وحتى المشي بالاستعانة ببعض الاغراض التي يستطيع الاستناد اليها والاتكاء عليها. بامكان الاهل الذين ينظرون بانفعال لطفلهم وهو يقوم بهذه الامور، ان يساعدوه على تطوير هذه القدرات الحركية. في البداية، بامكانهم اللعب معه العاب الحبو: هم يحبون معه او بجانبه او مقابله، وحين يراهم فانه سيرغب بالحبو مثلهم ايضا ولو من اجل ان يصل اليهم، او انه قد يضظر لذلك لا اكثر. بعدها، عندما يتعلم الجلوس او الوقوف، سيسقط ارضا عدة مرات. من المهم الا يخاف الاهل والا يحاولا منعه من القيام بهذا. بامكانهم ان يكونوا الى جانبه من اجل التاكد من انه لا يعرض نفسه للخطر، لكن لا يجوز باي حال من الاحوال منعه من محاولة القيام بهذا.
احد التطورات الهامة الاخرى التي يمر بها الطفل، هو التطور الادراكي (Cognitive development): يبدا الطفل، عند جيل نصف سنة، بتعلم الربط بين الاشكال المختلفة والربط بين الاغراض والالوان. من اجل مساعدته في ذلك، على الاهل اللعب معه العاب تخيل مختلفة، العاب تحديد الالوان والاشكال، تعريفه باغراض مختلفة، وشراء العاب له يستطيع من خلالها تركيب اشياء متنوعة.
من المهم شراء العاب تناسب جيله، وليس العابا مناسبة لاطفال اكبر منه سنا. فهو لن يعرف ما الذي عليه ان يفعله بالالعاب المناسبة لمن هم اكبر منه سنا، وسرعان ما يسام، ولن يفعل بهذه الالعاب اي شيء بالغالب.
اما التطور على المستوى اللغوي، فهو التطور الذي ينتظره الاهل اكثر من اي شيء اخر. هذا النوع من التطور، هو ايضا اكثر انواع التطور الذي بامكان الاهل مساعدة طفلهم عليه. حتى جيل السنة الاولى، يلفظ الطفل عددا من المقاطع التي لا تحمل اي معنى، لكن بعد انقضاء هذه السنة، يبدا بلفظ كلماته الاولى. لكن، والى ان يستطيع الرضيع ان يتعلم الكلمات المختلفة، يستطيع الاهل مساعدته في هذه العملية من خلال الحديث معه منذالولادة، اسماعه الموسيقى، وقراءة القصص. كما ان تكرار كلمات مختلفة دون توقف، من الممكن ان يكون مفيدا جدا. فبهذه الطريقة يساعد الاهل طفلهم على ان يحدد الكلمات ويعرف كيف تقال..
من المهم ان نعرف ان لا حاجة لمحاولة تعجيل عملية تطور الرضيع عن طريق العصبية، الغضب، او الصراخ. هذا لا يساعد الطفل على شيء، انما يجعله يبكي ويخاف. يملك الطفل طرقه الخاصة التي تساعده على التطور، وهو يمارسها في اوانها وبوتيرته الخاصة.
من المهم كذلك ان نعرف ان كل طفل يتطور بشكل مختلف ووفقا لمراحل مختلفة. لذلك، لا حاجة لمحاولة دفعه للامام، ولا حاجة للتعجب اذا لم يستجب لمساعدتكم ولم يقم بعد بما تتوقعونه منه. من الممكن جدا انه ياخذ كامل وقته وينتظر لحظته المناسبة.